أنا وجلبابي بقلم الاستاذ الحساني عبد العزيز

 قصص من الواقع ...

( أنا وجلبابي )

وكأني أستحضر الماضي وابذل جهدا في إرجاع صوره ولو بعد حين .

تلك الصور التي تظهر وقد تختفي إن لم تعدها سيرتها الأولى .

أذكر أننا قدمنا من البادية وعمري لم يتجاوز السادسة عقدا أول أقل .. هذا كل ما أعرفه عن تفاصيل الرحلة .. وكيف تمت .. وما الغاية منها .. أو ما سببها .

كلما أذكره أني كنت أخرج رفقة أخي الذي يقربني سنا وأنا ألبس جلبابا غاب عني لونه . وأخفي يدي في جيوبه وأرجعهما إلى الخلف قليلا مما يجعل الثوب يلتصق ببطني . مقلدا بذلك بعض أصدقاء أبي من الفقهاء الذين يقومون بنفس الحركة وهم واقفون ...

ربما يجدون راحة في ذلك . أو هو تباهي ببطونهم البارزة .

المهم أني كنت أقلدهم دون أن أعرف وجه الحكاية .

لا زالت زقاق الحي الضيقة تحضرني لأنها تتشابه كما تتشابه دورها الصفيحية .. ومجاري مياهها الظاهرة .. وكأنها تخشى أن تدوسها الأقدام إن لم تراها .. ومن حين لآخر كانت تخرج ما ببطنها من فتحة أو تسرب لمياهها المائلة للسواد كرائحتها التي لا يطاق استنشاقها ..

ولا نرى الإسمنت إلا نادرا وقد غلبت عليه الأحجار والتراب السائد أنذاك .

اذكر منزلنا الصغير الذي كان قد اكتراه لنا أحد أصدقاء والدي رحمه الله ...

لكن لا أذكر تفاصيل غرفه .. إن لم تكن غرفة واحدة فقط .. لأن الصور بدأت تغيب عني .. لصغر سني أنذاك .

وفي الحي كانت زنقة محرمة علي بمفردي .. ولا أعبرها إلا وأنا رفقة والدي أو أختي الكبرى .. ولسوء الحظ كانت تؤدي إلى ناصة الحي .

والسبب وجود منزل بها تسكنه امرأة يقولون أنها مختلة عقليا 

وكانت تحدث صوتا مرتفعا بعبارات لا أفهمها .. ولا أتذكرها .. وهي عبارات ممزوجة بصياح وصراخ وكأن أحدهم يهم بضربها ..

لا أحد يجرأ على المرور بجانب منزل أهلها دون ان يتملكه الخوف والفزع .

ولم أذكر مرة أننا مررنا في الزقاق دون أن نسمع لها صراخا يرعب الأفئدة .... (الحساني عبد العزيز ) (يتبع )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انا بالسعد موعودة بقلم الاستاذة شرين ابو عميرة

فاض البيان من صبري بقلم الاستاذ/ة ميسرة عليوة

شاطئ الغرام بقلم الاستاذ أحمد أبو حميدة