بيت العيلة بقلم الاستاذ عباس حسن

 عباس حسن – مصر -- الإسماعيلية

                         بيت العيلة – قصة قصيرة

         جدران عالية، كأنها سجن عميق، لا أستطع الهروب من نفسي،

 ليالٍ طويلة أقضيها بين البكاء المخنوق، وبين الحسرة القاتلة، هي ليالي الغربة، حرمان من الدفء ومن الحنان، حرمان من الوجوه الطيبة، كل ما حولي زائف، وجوه زائفة، ابتسامات زائفة، حتى الطعام زائف، حياة بلا طعم ولا لون ولا رائحة، كأنها ماء البحر.

     الشوارع غريبة، المنازل كئيبة رغم حداثتها، المناظر خلابة لكنها بلا روح، كل شيء مباح مقابل المال، حتّى روح الإنسان، تباع وتشترى بأبخس الأثمان، وقد تباع بلا مقابل، لا تكاد تشعر بالأمان رغم المال، رغم السلطة، رغم الإمكانيات، تشعر بنقص دائم، لا تشعر بالاطمئنان.

     ترتدى ملابس وأحذية من أشهر الماركات، تركب أحدث السيارات،

تنزل في أفخم الفنادق، تتناول أفخر الأطعمة.

     حياة بلا طعم ولا لون ولا رائحة، سئمت تلك الحياة، سئمت هذا البذخ، أغمضت عيني، حاولت أن أنام، أطبقت عليّ الجدران.

      صراخ شديد يجتاحني، بكاء خانق يزلزل صدري، نداء بلا صوت، يجتاحني، يزلزلني، يصرخ في وجهي،

 يقول: كفاك غربة! كفاك بعداً!

 لن تجوع، لن تسابق الريح كي تنال الطعام والمسكن والملبس، كي تجمع المال، لن تعيش مرتين، حتى تُحرم الأهل والوطن.

     يجب أن تعود !!

 هناك بيت ينتظرك!!

       بابه لم يغلق في وجهك أبداً، 

باب تستطيع الذهاب إليه دون دعوه، دون حجز مُسبق، دون موعد، كلما ذهبت إليه أصبح صاحب هذا البيت سعيداً، سعيدا جدا، هو البيت الوحيد الذي تدخل إليه مباشرة دون استئذان، تجد فيه كل العيون بانتظارك، تموت شوقاً ولهفةً عليك، هو البيت الذي يقدم لك الطعام بنفس راضية، إن أكلت سَعدوا، وإن شربت فَرحوا.

     هو البيت الوحيد الذي تجد لك فيه سرير دائم، وحجرةٌ ثابتة لا تتغير

وذكريات الطفولة،

 هو البيت الذي إذا تبسمت فيه نُلت رضى الله، وإذا أَفْرحْتَ من فيه          

                  دخلت الجنة،

                               إنه {بيت العيلة}

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انا بالسعد موعودة بقلم الاستاذة شرين ابو عميرة

فاض البيان من صبري بقلم الاستاذ/ة ميسرة عليوة

شاطئ الغرام بقلم الاستاذ أحمد أبو حميدة