قدر للعيد بقلم الاستاذ حسين كرار

 . . . قَدْر لِلْعِيد . . 

قَدْر لِلْعبد عَيْشُه سَلَفًا 

     لَا قَوْلَ فِيهِ يَكْذِب قَدْرًا 

فَلَا الْغَنِيّ يَقُول كَسَبْتُه 

      مَالِي جُمُعَتُه بِاللَّيْل وَفَجْرًا 

وَلَا الْفَقِير يُعَاتِبُ نَفْسَهُ 

      حَظّي مِنْ الدُّنْيَا أَرَانِي قَهْرًا 

فَلَا الْغَنِيّ بِجُهْدِه حَازَهَا 

       وَلَا اللَّئِيم يَظُنّ ثَرَاهُ مَكْرًا 

وَلَا الْمُسْتَبِدّ يَظُنّ بَبطْشِه 

        أَحَاط حُكْمُه بَرًّا وَبَحْرًا 

وَلَا الْعَادِل يَظُنّ بِعَدْلِه 

        أَبْقَاهَا رَمْزًا لْلقِسْط وَفَخْرًا 

فَلَا هَذَا وَلَا ذَاكَ نُبَارِكُه 

        قَد سَطِّرَه اللَّه قَبْلَنَا أَمْرًا 

الْمَال وَالْعَدَم بَلَاء وَنِعْم 

        يُنْزِلُهَا الْخَالِق رَحِمَهً وَقَهْرًا 

يَظُنُّهَا الْأَحْمَق بِهَا مَسَرَة 

        وَهِي الْعَذَاب نَارًا وجَمرًا 

لَا يَحْذَر بَطْشَها لَمَا يَركَبَها 

        حَتَّى تُسْفِلُه تَحْتًا وَقَعْرًا 

يَقُولُ كُنْتُ وَمَالِي عَظِيمًا 

        فَكَيْف لِلْغِنَى عَدَانِي جَهْرًا 

وَكَيْف لِصَاحِبِي وَقَد أَبْدِلْنِي 

        بَعْد الْوِفَاق بُعْدًا وَهَجْرًا 

لَقَدْ كُنْتُ وَكَان مَسْكنِي 

        بَيْتُه يَدْخُلُه ظُهْرًا وَعَصْرًا 

أُعْطِيهِ بِلاَ سُؤَالٍ يَسْأَلُه 

        فَمَا بَالُهُ يُعْطِينِي ظَهْرًا 

إن النَّاسَ لِمَالِك تَطْلُبُه 

        وَلَولَى مَالُك لَكُنْت صِفَرًا 

هُمْ النَّاسُ لِلْمَال أَعْيُنُهِم 

         قَلِيلٌ مِنْ يَصْبِرُ عَلَيْهِ صَبْرًا 

فَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّهَا 

        أَيَّام لِلْمَرْء تُفرِشُها زَهْرًا 

وَلَا يَدُومُ مَالُّ وَلَا جَاهٌ 

         وَلَا سُلْطَانُّ لَك وَلَا قَصْرًا 

أَلَم تَقْرَأ قُرْآنَه أَنَّهَا 

         فِتْنَةٌ لِلْمَرْء يُنْزِلُهَا زَجْرًا 

فَمَن تَكُن أَنْت لِتَخلُدَها 

        أَلَيْسَت نُدَاوِلُهَا تُعنِيك حَصْرًا 

فَيَا رَاغِبًا فِي الدُّنْيَا تَلْحَقُهَا 

       قَد تُصِبْك بَعْد اللِّحَاق كَسْرًا 

وَلَن تَشَفَّى بَعْدَهَا بل تَسْتَوِي 

        فِي رُكْنٍ تُتْبِعْك بَعْدَهَا قَبْرًا 

إن الَّذِي أَخْبَرَنِا قَد ذاعَها 

        وَالنَّاسُ تَقْرَؤُهَا شِعْرًا وَنَثْرًا 

خُذْ مِنْ الْكُتُبِ وَاقْرَأ أَبْوَابِهَا 

       تَجِد الدُّنْيَا تُحَدِثْك خَبَرًا 

تُقَص عَلَيْك أَنبَاءا سَبَقَت 

       مِنْ قَوْمٍ عَمَرُوهَا قَبْلَك دَهْرًا 

فَأَيْن اللَّذَيْن سَادُوا ومَلكُوا 

       وَمَن أَبْدعُوها جَوْرًا وَكُفْرًا 

أَفْنَاهُمْ الدّهْرُ وَلَمْ يَجمَعُوا 

       إلَّا قُمَاشًا يُكَفَّن بِهِم و سِتْرًا 

فَمَاذَا بَعْدَ الْجَمْعِ تَحَسُّبُه 

       وَمَاذَا بَعْد اللِّحَاق تَظُنّ أَمْرًا 

إنَّمَا هِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَزَعُّ 

       قَبْرًا تَدْخُلُه يُعْصِرْك عَصْرًا 

وَحِسَابٌ بَعْدَهُ لَا نَعْلَمُهُ 

       أَجَنّة تَدْخُلُهَا أَوْ نَارٍا وقعرا 

فَكُن عَبْدًا لِلَّهِ وَقُلْ مَرْحَبًا 

       وَأَرْضَى بِهَا حَمْدًا وَشُكْرًا 

وَاعْلَمْ بِأَنَّ مَا كَانَ يَنْفَعُكَ 

       أَو كَان يَضُرُّك لَيْس سِحْرًا 

بَلْ اللَّهُ قَدَّرَهُ بِمَا يَعْلَمُه 

       وَعِلْمِه لَم نُحِط بِهِ خَبَرًا 

فَمَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ يَكُونُ 

       وَمَا لَمْ يَشَأْ يُحْضِرْه حَضَرًا 

فَكُن مِنْ السَّامِعِينَ لِقَوْلِه 

       فَلَن يَنْجُوا إلَّا مُكْثِرًا ذَكَرًا 

. . 

قَلَم : . حُسَيْن كُرّارٌ . . . مُعَسْكَر (الجزائر

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نطق الحجر بقلم الاستاذة خديجة عرب

الانسان الكامل بقلم الاستاذ فتحي الخريشا

عتاب بقلم الاستاذة اوليفا سرور